- فصل في قضاء ما فات من رمضان
1) حكم قضاء رمضان :
من فاته صيام رمضان كله أو بعضه لعذر أو لغير عذر, وجب عليه قضاء هذه الأيام الفائتة ؛ لقول الله عز وجل: )وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ( [البقرة 185].
2) كيفية قضاء صيام رمضان :
يستحب له أن يقضي ما فاته من رمضان متتابعاً على الفور – أي بعد انتهاء رمضان وزوال العذر–؛ لأنه أحوط وأسرع في إبراء الذمة, ويجوز له أن يقضيه مُفَرَّقاً؛ لأن قول الله عز وجل: )فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ (جاء مطلقاً غير مقيد بالتتابع, وأيضاً لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قضاء رمضان : (صُمْهُ كَيفَ شِئْتَ) [رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح] .
- إلا إذا لم يبق من أيام شعبان إلا ما يتسع للقضاء فقط فحينئذٍ يجب عليه القضاء متتابعاً؛ وذلك لضيق الوقت. ولحديث عائشةَ رضى الله عنها قالت : (كَانَ يَكُونُ عَلَىَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلاَّ فِى شَعْبَانَ) [رواه البخاري ومسلم] .
3) تأخير قضاء صيام رمضان :
إن أخَّر القضاء لغير عذر حتى دخل عليه رمضان آخر, فعليه القضاء وإطعام مسكينٍ عن كل يوم؛ لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (مَنْ فَرَّطَ فِي صِيامِ شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى يُدْرِكَهُ رَمَضَانٌ آخَرُ، فَلْيَصُمْ هَذَا الَّذِي أَدْرَكَهُ، ثُمَّ لْيَصُمْ مَا فَاتَهُ وَيُطْعِمْ مَعَ كُلِّ يَومٍ مِسْكِينًا) [رواه الدارقطني وإسناده صحيح كما قال النووي في المجموع] .
- فإن مات دون أن يقضي ما عليه , فالواجب حينئذٍ أن يُطْعم عنه لكل يوم مسكين؛ لحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيهِ صِيامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعِمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكينًا) [رواه الترمذي وقال : الصحيح أنه موقوف على ابن عمر] . ولا يُصام عنه ؛ لأن الصوم الواجب بأصل الشرع لا يُقْضَى عنه ؛ لأنه لا تدخله النيابة في الحياة فكذا بعد الموت كالصلاة .
- أما إن كان التأخير لعذرٍ كمرض أو سفر ونحو ذلك، فلا يجب عليه الإطعام؛ لعدم الدليل على وجوبه, وإنما يجب عليه القضاء بعد زوال العذر. فان مات قبل زوال العذر فلا شيء عليه؛ لأنه حق لله تعالى وجب بالشرع, وقد مات مَنْ وجب عليه قبل أن يتمكن من فعله، فيسقط إلى غير بدل؛ كالحج .
4) تقديم القضاء على صيام التطوع :
لا يصح صوم التطوع قبل أن يقضي ما عليه من رمضان؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (... وَمَنْ صَامَ تَطَوُّعاً وَعَلَيهِ مِنْ رَمَضَانَ شَيءٌ لَمْ يَقْضِهِ فَإِنَّهُ لا يُتَقَبَّلْ مِنهُ حَتَّى يَصُومَهُ ) [رواه أحمد بإسناد ضعيف] . وقياسًا على الحجِّ في عدم جواز أن يحجَّ عن غيره أو يحج تطوُّعًا قبل حجِّ الفريضة .
5) تغيير نية الصوم من الواجب إلى النفل :
إذا نوي صوماً واجباً أو قضاءً ثم قلبه نفلاً صح ذلك ؛ كما في الصلاة .